يوشع في القرآن الكريم
هل جاء ذكر يوشع بن نون في القرآن الكريم؟ من الجدير بالذكر أن يشوع بن نون لم يذكر في القرآن الكريم صراحة ولكن تمت الإشارة إليه في سورة الكهف، لما خرج سيدنا موسى عليه السلام للقاء سيدنا الخضر لكي يتعلم منه مما علمه الله كان بصحبة سيدنا موسى فتى كما قال القرآن (قال لفتاه) وهذا الفتى هو يوشع بن نون فكان تابعاً لسيدنا موسى عليه السلام خادماً له تلميذاً من تلاميذه يتعلم منه، ويؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم أن الفتى الذي كان مع سيدنا موسى هو يوشع بن نون، وقيل بأنه كان يسمى (هوشع بن نون) ولكن أطلق عليه سيدنا موسى عليه السلام يوشع، لأنه كان من الرجال الأثني عشر الذين اختارهم سيدنا موسى عليه السلام وبعثهم إلى أرض كنعان ليأتوا له بأخبارهم لكي يقوم بفتح بيت المقدس، وقيل بأن سيدنا موسى عليه السلام كان معجباً بيوشع ومحباً له فدعاه بهذا الاسم من باب الملاطفة والتحبب، وقيل أيضاً أنه جاء ذكر يوشع بن نون عليه السلام مرة ثانية في القرآن الكريم غير آية سورة الكهف وذلك في سورة المائدة في قوله تعالى: (قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).قيل بأن يوشع بن نون كان أحد الرجلين اللذين تحدثت عنهما الآية الكريمة.
مولد يوشع بن نون ونبوته
ذكرت كتب التاريخ أن يوشع بن نون ولد قبل الميلاد 1430 سنة، فعاش يوشع بن نون ما يقرب من حوالي 120 سنه تقريباً فقد توفى قبل الميلاد 1311 سنة، أما عن نبوة يوشع بن نون فقد ذكر أهل التفسير أن نبوة يوشع بن نون من الأمور المتفق عليها عند أهل الكتاب، أما بالنسبه للمسلمين فمنهم من يرى نبوة يوشع بن نون، ومنهم من قال بأنه فتى موسى عليه السلام ولم يوحي الله إليه ولم يكن نبياً، بينما ذكر ابن الجوزي أنه كان نبياً في زمن سيدنا موسى عليه السلام ولما مات سيدنا موسى عليه السلام تولى الأمر من بعده يوشع بن نون، وهو الذي قام بتقسيم الشام بين قبائل بني إسرائيل، ولقد ذكر ابن عاشور بأن يوشع بن نون عهد إليه سيدنا موسى عليه السلام بتدبير الأمر من بعده فصار نبياً في بني إسرائيل بأمر من الله تعالى بعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام، وذكر آخرين من المؤرخين وأهل التفسير عن ابن إسحاق أن يوشع بن نون انتقلت إليه النبوة من نبي الله موسى عليه السلام في أواخر حياته، ثم تولى الأمر من بعد سيدنا موسى عليه السلام، وعارض ابن كثير هذا الكلام فقال: إن هذا الكلام محط نظر لأن سيدنا موسى عليه السلام ظل نبياً يوحى إليه إلى أن مات.مرحلة التيه
دور يوشع بن نون في مرحلة التيه ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة أن الأرض المقدسة محرمة على بني إسرائيل 40 سنة يتيهون في الأرض وهذا هو زمان التيه، لما صار سيدنا موسى عليه السلام بقومه إلى بيت المقدس وما أن اقتربوا من بيت المقدس إلا ورفضوا الدخول مع سيدنا موسى عليه السلام، وذلك لأن بيت المقدس كان به أقواماً جبارين من الكنعانيين والعرب والبزارين، وكانوا يصدون عن سبيل الله عز وجل ويمنعون الناس من الدخول إلى بيت المقدس أو السكن فيه، فأمر سيدنا موسى عليه السلام قومه بأن الله أوجب عليهم مقاتلة هؤلاء الأقوام ودخول بيت المقدس والسكن فيه، ولكنهم لم يذهبوا مع سيدنا موسى عليه السلام ورفضوا الدخول إلى بيت المقدس خوفاً من الجبابرة الموجودين ببيت المقدس، وقالوا لسيدنا موسى عليه السلام اذهب أنت وربك فقاتلا ونحن سننتظر هنا ولا نقاتل، فاشتكى سيدنا موسى عليه السلام إلى ربه ما فعله قومه فحرم الله عليهم بيت المقدس 40 سنة، وقال أنهم سوف يتيهون في الأرض مدة الأربعين سنة، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال أن بني إسرائيل تاهوا في الأرض أربعين سنة يصبحون كل يوم يسيرون في الأرض لا يعلمون إلى أين هم ذاهبون، ثم توفى سيدنا هارون عليه السلام ومن بعده أخوه موسى بسنتين أو ثلاثة سنوات تقريباً ومات كثير من بني إسرائيل في زمن التيه، وبعد أن انقضت مده التيه صار يوشع بن نون من الذين نجاهم الله من الموت وأبنائهم إلى بيت المقدس فقام بحصاره، ثم فتحه وأخرج من كان فيه من الجبابرة وأسكنه بني إسرائيل وأمرهم بالإستقامة على طريق الحق وعدم اتباع أهوائهم.معجزه حبس الشمس
جاء في الحديث الصحيح الذي رواه سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال:(غَزا نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ، فقالَ لِقَوْمِهِ: لا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وهو يُرِيدُ أنْ يَبْنِيَ بها، ولَمَّا يَبْنِ، ولا آخَرُ قدْ بَنَى بُنْيانًا، ولَمَّا يَرْفَعْ سُقُفَها، ولا آخَرُ قَدِ اشْتَرَى غَنَمًا، أوْ خَلِفاتٍ، وهو مُنْتَظِرٌ وِلادَها، قالَ: فَغَزا فأدْنَى لِلْقَرْيَةِ حِينَ صَلاةِ العَصْرِ، أوْ قَرِيبًا مِن ذلكَ، فقالَ لِلشَّمْسِ: أنْتِ مَأْمُورَةٌ، وأنا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ، احْبِسْها عَلَيَّ شيئًا، فَحُبِسَتْ عليه حتَّى فَتَحَ اللهُ عليه). قيل أن النبي المقصود في هذا الحديث هو يوشع بن نون ويؤيد ذلك حديث آخر روي عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال: ما حبست الشمس على بشر إلا على يوشع بن نون.سبب حبس الشمس
لما سار يوشع بن نون ومعه اللذين نجاهم الله سبحانه وتعالى من بني إسرائيل وبقوا بعد زمن التيه، وأراد أن يفتح بيت المقدس تأسياً بنبي الله موسى عليه السلام وواجه الجبابرة من الكنعانيين وغيرهم من العرب الذين كانوا يسكنون بيت المقدس، ودار بينهم قتالاً شديداً استمر إلى آخر اليوم، فطلب يوشع بن نون من ربه أن يحبس لهم الشمس ولا تغرب حتى ينتهوا من قتال هؤلاء الجبابرة، وذلك لأنهم كانوا يقاتلونهم في يوم الجمعة وكان القتال محرماً عليهم في يوم السبت، فخاف يوشع بن نون ألا ينتهي من قتال هؤلاء الجبابرة في يوم الجمعة ويدبرون له المكايد وينتصرون عليه، فتوجه يوشع بن نون إلى ربه سبحانه وتعالى أن يحبس لهم الشمس فأطال الله لهم نهار يوم الجمعة حتى فرغوا من قتال من كانوا في بيت المقدس وفتحوا بيت المقدس وأقاموا به.الدروس المستفادة
من قصة يوشع بن نونمن الممكن أن نستخلص من قصة يوشع بن نون بعض الدروس التي يجب أن نتعلمها ونعمل بها ومنها.
عبادة الله أمر واجب لابد من تحقيقه، ويجب على كل إنسان أن يخلص العبادة لله عز وجل.
أن قدرة الله عز وجل لا يمنعها شيء ولا يعجزها أي أمر كما حبس الله الشمس ليوشع بن نون.
محاربة المتكبرين والمتجبرين الذين يصدون عن سبيل الله ويكيدون للمسلمين والصالحين في كل زمان ومكان.